ثم ذكر الشيخ رحمه الله بعض الأدلة المتفرقة لفضائل الذكر وفوائده والحث عليه، ومن ذلك ما ذكره من الآيات المعروفة مما حث الله تبارك وتعالى فيه عباده المؤمنين على الذكر، كقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ))[الأحزاب:41-42].
فهذا أمر من الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين بذكره عز وجل، فيدخل فيه الذكر الواجب قطعاً، ومن توابعه الذكر المستحب، كما في قوله تعالى: (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))[الأنفال:45]، فعلق الفلاح وهو: النجاح والسعادة والفوز في الدارين بذكر الله تبارك وتعالى.
ولما ذكر تبارك وتعالى صفات المؤمنين الكثيرة في سورة الأحزاب ختمها بقوله: (( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ))[الأحزاب:35].
وفي ذلك إشارة إلى أن من كان هذا حاله، ومن كان هذا ديدنه وشأنه؛ فهو الذي أتى على الكل، فـ(الذاكرين الله كثيراً) يدخل فيها المسلمون والمؤمنون القانتون والصابرون والصائمون والمتقون، وكل ذلك من روافد ذكر الله تبارك وتعالى على ما سيوضح إن شاء الله فيما بعد.
وذكر أيضاً قول الله تبارك وتعالى: (( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ))[آل عمران:191]؛ وذلك في صفات عباده أولي الألباب.
ثم قال: (وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) وهو الحديث المشهور المعروف، وهو من أعظم ما ورد في فضل الذكر (قوله صلى الله عليه وسلم: ( سبق المفردون، قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ) )، والتفريد هو من الانفراد، أن يكون الركب سائراً فيتقدم أحدهم فينفرد قبلهم، فهذا قد فرّد، ولهذا قال: ( سبق المفردون )، والمفرودون: هم الذي يسبقون الناس ويتقدمونهم، قال: ( الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ).